السلوك الإيجابي وتعزيزه عند الطفل Positive reinforcement of behaviour in children

السلوك الايجابي

      تناول الكثير من التربويين والاختصاصين النفسيين الموضوع بإسهاب. ولأهمية ذلك في تكوين شخصية الطفل وصحته النفسية، احببت التطرق للموضوع في بعض جوانبه.

وماذا نعني بالسلوك الايجابي للطفل؟

هو تعامل الطفل في حياته الخاصة والعامة وتصرفه وفق القيم المحمودة والاعراف السائدة في مجتمعه ويشمل ذلك:

  • الاخلاق الحسنة: وهي الركن الاساس في هذا الجانب ومثلنا الأعلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي روي عنه في الحديث قوله: (انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق) وتشمل الاخلاق الحسنة الصدق والأمانة والاخلاص والشفقة والكرم والايثار وحب الخير والتعاون والتطوع وغيره.
  • التعامل مع الاخرين ويشمل الاحترام والعطف والرفق والكلمة الطيبة والابتسامة.  
  • احترام النظام والقانون والانضباط.
  • السلوك الشخصي مثل النظافة والمظهر اللائق (وفق العرف السائد) والترتيب والعادات الصحية والغذائية الجيدة.

وكيف نعزز السلوك الايجابي في الطفل؟

رغم ان بعض الجوانب تكون فطرية إلا ان الانماط المكتسبة هي الغالبة في العادة وخاصة في فترة الطفولة اذ يتأثر الطفل كثيرا بمحيطه وهناك جوانب عدة لتعزيز السلوك الايجابي في الطفل اهمها:

  1. النموذج الجيد (القدوة): يتأثر الطفل كثيراً بمن حوله وخاصة في السنين الاولى من حياته التي يكون فيها البيت هو عالمه الاول، وفي سنين الدراسة يكون للمعلم دور مهم في التربية وكذلك الاصحاب والأصدقاء والتركيز على هذا الجانب مهم لترسيخ السلوك الايجابي للطفل كما يجب ان لا نغفل وسائط التواصل الاجتماعي وتأثيرها ايجاباً او سلباً على الطفل.
  2. طريقة التعامل مع الطفل: يفترض ان تكون طريقة التعامل مع الطفل مغمورة بالرفق والحنان وبما يناسب عمر وقدرات الطفل مما يعزز سلوكه الايجابي ويقوي شخصيته.
  3. الاستقرار الاسري مما يعزز السلام الداخلي للطفل والاستقرار النفسي وبالتالي يؤثر ايجابا على سلوكه.
  4. التعليم المبكر للقيم والسلوك الحسن بما يناسب عمر الطفل وقدراته وعلى سبيل المثال احترام الآخرين والعطف والتعاون والاتقان في كل ش.
  5. التأديب (وليس العقاب): لتصحيح السلوك غير المحمود وقد تناولنا ذلك في مقال سابق يمكن الرجوع اليه في الموقع.

وما هي الوسائل لتعزيز السلوك الايجابي؟

هناك عدة وسائل اهمها:

  1. الإطراء: وذلك بالكلمات المعبرة (شاطر مثلاً) او التربيت على الكتف او رفع الابهام والتصفيق للصغار. فمثلاً عندما يقوم الصغير بإرجاع العابه الى موضعها فإن سماعه للإطراء يشجعه على المواظبة وعندما يحصل الطفل على نتائج جيدة في الدراسة فلابد ان يكون للإطراء والإشادة به اثراً ايجابياً وخاصة امام الآخرين مما يشجعه ويعزز ثقته بنفسه.
  2. الحوافز والمكافآت المادية: يكون ذلك حسب عمر الطفل ولكن دون افراط وكذلك الحوافز المعنوية مثل تحقيق رغبة الطفل في اقتناء شيء ما كمكافأة له على سلوكه الجيد او الخروج للترفيه الى الاماكن التي يرغبها.
  3. هناك ما يسمى بالتحفيز السلبي (negative reinforcement (ونقصد به استعمال الحافز للتخلص من السلوك السلبي وبالتالي فهو في الوقع ايجابي بطريقة غير مباشرة لأنه يضيف سلوكاً جيداً مكان سلوك غير جيد. كمثال على ذلك من الواقع عندما يقضي الطفل معظم اوقات فراغه في الألعاب الالكترونية نقوم بتحفيزه على تغيير ذلك السلوك بتوفير نشاط ايجابي محفز كبديل لذلك كهواية مفيدة يرغبها او برامج رياضيه او تعليمية يرغبها مثل الاشتراك في نادي رياضي او تعلم لغة جديدة وغير ذلك.

وكذلك العقاب الايجابي positive punishment)): ومثال على ذلك عندما يعتدي الطفل الاكبر على الطفل الأصغر فإننا نجعله بالحوار والتحفيز يعتذر له ثم الإطراء عليه وربما مكافأته بطريقه مناسبة ومباشرة.

وكيف نحافظ على استمرار السلوك الايجابي؟

اولاً: الرفق واللين في التعامل مع الطفل والإطراء على السلوك الحسن مع التحفيز المستمر.

ثانياً: الحزم والمصداقية مع الطفل تجاه سلوكه وبالأسلوب المناسب لعمره ونوع السلوك والمرونة بما يلزم.

ثالثاً: المتابعة المستمرة والحوار الايجابي واعطاء مساحة من الخصوصية للطفل والاحترام خاصة للطفل الكبير.  

رابعاً: عدم التماس العذر للسلوك غير المحمود عندما يتكرر وتقويمه بالحسنى والتصرف بهدوء تجاهه، اما الانفعال والصراخ فهو قصير المفعول ولا يفيد وربما يفسد العلاقة مع الطفل ويأتي بنتائج عكسية وخاصة مع الطفل الكبير وأما العقاب الجسدي فلا مجال له وحتى الضرب على المؤخرة (spanking) يفقد مفعوله وبتكراره تكون النتائج عكسية والبديل هو الحوار الهادئ الشفاف والجاد النابع من الحرص والمحبة وتوثيق العلاقة مع الطفل.

       وأخيراً اطفالنا اكبادنا تمشي على الأرض وكلكم مسؤول عن رعيته وترسيخ مكارم الاخلاق والسلوك الجيد والسوي هو الأساس لنشأتهم نشأة صالحة تفيدهم وتفيد مجتمعهم ووطنهم وتوفر لهم الاستقرار النفسي والنجاح والله الموفق والهادي وبه نستعين.   

الدكتور هاشم محمد المساوي

استشاري الاطفال

05/05/2021