أطفالنا بين التأديب والعقاب

أطفالنا بين التأديب والعقاب

(Children Discipline and Punishment)

مما لا شك فيه ان الموضوع له ارتباط مباشر بالحالة النفسية للطفل والتي قد تؤثر بشكل او بآخر على صحة الطفل وهو ما دفعني للخوض في الموضوع لأهميته على المدى القريب والبعيد.

  • وما هو الفرق بين التأديب والعقاب؟
  • هنالك فرق شاسع فالعقاب هو ما يتضمن الإيلام او الإيذاء البدني او الضرب باليد وكذلك اللطم والقرص وغيره. وكذلك الإيذاء اللفظي او الضرب بأداة كالحزام الذي له تأثير على نفسية وشخصية الطفل ويفهم البعض خطأ أن العقاب اسلوب رادع غير انه ثبت تأثيره السلبي ومن اجل ذلك منع العقاب البدني في المدارس وكانت النتائج ايجابية.

اما التأديب في المقابل فهو تعليم الطفل السلوك المقبول وتعديل السلوك غير المقبول، وهو اسلوب لتعليم الطفل السيطرة على انفعاله وسلوكه وتطوير احساسه بالثقة والمسؤولية وان لا تترك له الفرصة بأن يخطئ ثم نحاسبه. فالطفل الذي يتعود السلوك السليم ولا يتعرض للوم والمحاسبة تزداد ثقته بنفسه ويكون محبوباً، وبقي ان نلحظ ان الأطفال ليسوا ملائكة وليسوا على نمط واحد واختلاف نفسياتهم وردود افعالهم. وتأثرهم شيء طبيعي ومتوقع ولابد من اخذ ذلك في عين الاعتبار عند التعامل معهم.

  • وكيف نؤدب ولا نعاقب؟
  • يتأثر الاطفال من صغرهم بسلوك من حولهم ولابد ان يكون الكبار قدوة ومثلا جيدا يحتذى به (Be A Role Model) وعلى سبيل المثال لابد ان نكبت مشاعرنا امامهم عند الغضب، فالصغار يقلدون الكبار. كما يجب ان نعامل اطفالنا باحترام ولطف كما نريدهم ان يعاملونا لما لذلك من تأثير على سلوكهم على المدى القريب والبعيد فالتربية (او كما يقال التعلم) في الصغر كالنقش على الحجر.
  • التحفيز الايجابي ((Positive Reinforcement:

اظهار الثناء على الطفل عندما يبدر منه سلوك جيد وربما مكافأته بطريقه او بأخرى لتشجيعه على اتباع السلوك الجيد فمثلا عندما يتشاجر طفلان بينهم فارق في السن حول حيازة شيء ما ويتنازل أحدهما للآخر يجدر بنا ألا نغفل ذلك والثناء على سلوكه.

  • حدود للسلوك غير المرغوب 🙁 behavior limit)

لابد من حدود معقولة للسلوك وتعليم الطفل منذ الصغر ما هو مرغوب وغير مرغوب، اما التطبيق فيجب ان يتم بشي من المرونة المتناسبة مع نوع السلوك وان نساعده ليتعود السلوك المرغوب. فعلى سبيل المثال عندما يكون الطفل غارقا في الاستمتاع بشيء ما وحان وقت نومه فلا ينبغي ان نرغمه بالقوة على الذهاب للسرير وانما نرغبه باللين على الذهاب للنوم بأن نصحبه وربما اصطحاب شيء يحبه معه للسرير او قراءة قصة له تناسب عمره وتهيئة الجو المريح لنومه.

  • الاستمرارية : ( Consistency)

المداومة على السلوك الجيد، فمثلا إذا كان يبعثر العابه وقت اللعب فلا بأس ولكن يجب ان يداوم على اعادتها الى مكانها وترتيبها بعد ذلك. وإذا فرش أسنانه ان يغلق المعجون ويضع كل شيء في مكانه حتى يصبح سلوكا روتينياً، ويجب ان لا ننسى الاشادة بالسلوك الجيد.

  • وماهي أساليب التأديب : (Discipline Methods)

تختلف حسب الفئة العمرية وهناك خطوط عامه نحاول ان نوجز بعضها:

  • الفئة العمرية ( 1-3 سنوات ) :
  • يتعلم الصغار من تصرفات الكبار ويقلدونهم في سن مبكرة، فعندما يتصرف الكبير بعصبية مثلا فلا نستغرب ان يسلك الصغير سلوكه فينبغي ان نتصرف امامهم كما ينبغي.
  • اشغال الطفل (Distraction)عندما يصر الطفل على حيازة شيء لا يجوز له او فيه شيء من الخطورة عليه كأداة حادة مثلا او وعاء قابل للكسر او حتى مفتاح التلفزيون (Remote Control) فمن المفيد اشغاله بحمله وتغيير مكانه والتحدث معه واعطائه شيئا يحبه (لعبه مثلا) ومع انشغاله يسحب منه الشيء الممنوع وكثيرا ما تجدي هذه الطريقة.
  • الفئة العمرية ( 3-5 سنوات ) :
  • في هذه السن يبدأ الطفل باستيعاب ما يجوز وما لا يجوز من السلوك.
  • راقب تصرفاتهم واغرس فيهم التصرف الصحيح بدءاً من الحفاظ على العابهم وأشيائهم الخاصة والالتزام بالحدود المعقولة (Sensible Limits) في السلوك المسموح وغير المسموح كالجلوس الطويل امام التلفاز او الالعاب الالكترونية كمثال. واستعمال كلمة ” لا ” بصوت عالٍ عندما لا نكون راضيين عن سلوكه ليدرك خطأه وان نغمره بالحنان وربما المكافأة لسلوكه الجيد. فالتقبيل والاطراء والحضن له تأثير كبير في تقويم سلوكه.
  • تقبل ان يكون الطفل عصبي المزاج في بعض الاحيان وهنا هو بحاجه الى الاحتواء والصبر وعندما يتكرر هذا السلوك فربما لذلك سبب يجب ان نبحث عنه كالغيرة مثلا والتعامل معه بما يلزم.
  • الاطفال في سن الدراسة ( 6-14 سنوات ) :
  • في هذا العمر يصبح الطفل أكثر ادراكاً ووعياً لتصرفاته وما هو صحيح او خاطئ، وهنا لابد من الحوار والنقاش واعطاء الفرصة للطفل للتعبير فقد يرى الطفل تصرفا خاطئاً صحيحا من وجهة نظره والعناد في هذه السن ليس نادرا ولكن كلما كنا قريبين منه يسهل التعامل معه. كما يجب ان لا ننسى الاطراء والتشجيع للسلوك الحسن ويفيد اعطاء الميزات كمكافأة له في تحفيزه للالتزام وكذلك حجبها كرادع للتصرف غير السليم.
  • في هذه العمر يجب ان يتعلم احترام الاخرين ومعاملتهم كما يجب ان يعاملوه وان نكون نحن الكبار نموذجا لذلك، والطفل في هذا العمر تربة خصبة لزرع القيم الدينية والأخلاقية كالأمانة والصدق والاخلاص والتسامح والايثار وحب الخير.
  • لا مجال مطلقا للعقاب البدني مهما كان الامر وكما منع العقاب البدني في المدارس واثبت جدواه فهو كذلك في المنزل.
  • المراهقون ( 14-18 سنوات ) :
  • في هذا العمر لابد ان يكون هناك نوع من الاستقلالية للطفل في اتخاذ قراراته ويكون تدخل الاهل متوازناً ومن اجل مساعدته وتوجيهه ودعم ثقته بنفسه ولابد من مراقبته في الحدود المسموحة والقول الشائع (إذا كبر ابنك خاويه) فيه الكثير من المصداقية ومن واقع التجربة وهذا ينطبق على الفتى والفتاة.
  • تعرف على اصدقاء ابنك وكن قريبا منهم فالأصدقاء في هذا العمر لهم تأثير كبير على الطفل المراهق.
  • توثيق الترابط العائلي وحضور الطفل بمجلس العائلة ومشاركته الحديث مهم للاستقرار الاسري وكذلك التواصل مع الاقرباء وصلة الرحم والتي اوصى بها ديننا الحنيف.
  • اخيرا نحرص ان يبتعد المراهق عن العادات السيئة كالتدخين والسهر الطويل مثلا وتشجيعه لممارسة الانشطة المفيدة كالرياضة والهوايات المفيدة لشغل فراغه وتطوير مهاراته واكسابه الثقة بنفسه.

اخيراً وليس اخراً … اطفالنا اكبادنا تمشي على الارض وهم امانه في اعناقنا وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته والله الموفق…

الدكتور هاشم محمد المساوى

26/ 3/ 2020